قراءة وتحليل لمشاركة الأردن في اختبار Pisa 2022: نتائج خطيرة
كتب د. محمد أبوغزله *
على الرغم من التحليل العميق الذي قام به فريق محورالريادة والابداع وخاصة في مجال التعليم العام والعالي في الرؤية الاقتصادية 2030 لنظام التعليم العام والتشخيص الدقيق لعناصر المنظومة التعليمة كافة، وحددت مبادراتها مستهدفاتها ومؤشراتها الطموحة لكل عنصرمن عناصرها ولجميع المراحل التعليمية وتحسين الاداء فيها من مرحلة الطفولة المبكرة ، والتعليم الاساسي والثانوي ، والتعليم والتدريب المهني والتقني ، وريادة الاعمال والشركات الناشئة، والبحث والتطوير والابتكار ، واكدت في خططها على تحسين ترتيب الأردن في المؤشرات الدولية وخاصة في المشاركة الاختبارات الدولية ( TIMSS and Pisa ( ،وايضا تضمنت الرؤية الوصول برياض الاطفال إلى الإلزامية ، وتطوير المناهج والكتب المدرسية والتي طالما ناشدنا بأن تتضمن خلال عملية تطويرها المحتوى والمهارات التي تحاكيها الاختبارات الدولية ، وطالبنا برفع سوية المعلمين لتمكينهم ايضا من التدريس وفق هذه المهارات وضرورة تدريب المعلمين والطلبة والمعلمين على محاكاة هذه الاختبارات وغيرها من الإجراءات التي يتطلب القياكم بها ، وهنا اقول أن هذه المناشدات ستبقى قائمة طالما ما زلنا نتراجع في هذه المشاركات الدولية سنة تلو الأخرى ، كما يجب أن يكون هناك متابعة ومساءلة لكافة الحلقات المعنية بهذه التراجع على الرغم من التقارير التي قدمت في مراجعة هذه الرؤية وما الذي تحقق مما وضع ، والغريب في الأمر اننا تقدمنا في دورة هذا الاختبار 2018 لكننا تراجعنا في عام 2022 في الرياضيات بمعدل (39) نقطة، وفي القرائية بمعدل (77) نقطة، وفي العلوم ( 54)، وهذا ما يثير الكثير من الأسئلة ينبغي الاجابة عليها من المعنيين كافة من العاملين في الوزارة من القائمين على النظام التعليمي في مركز الوزارة ،ومن مديري التربية والتعليم ومساعدينهم الفنيين، ومن مديري المدارس ، والمشرفين التربوين والمعلمين، والقائمين على تطوير المناهج والكتب المدرسية وغيرهم من المعنيين ، نعرف أن للجائحة اثار على التعليم لكن الجائحة اصابت جميع الدول دون استثناء وتقدمت هذه الدول في هذه الدورة، وأيضا المشاركة لأول مرة في الامتحان الإلكتروني لكن أيضا الكثير من الدول عند مشاركتها لأول مرة لم تتراجع بل تقدمت لوجود استعداد وخطط واهتمام بذلك، ألم تكن (3) سنوات كافية للتحضير والاستعداد؟ .فمن يتحمل المسؤولية عن ذلك هل اضرابات المعلمين التي تمت وانقطع الطلبة عن التدريس انذاك؟ ، وهل هي عدم اهتمام المعلمين وضعف دافعيتهم قدراتهم وضعف أدائهم ؟،، أم وغياب دور الإشراف التربوي والقيادات المدرسية تماما؟ ، وهل المناكفات المتبادلة والمستمر بين النقابة والمعنين في الدولة؟ ، هل هي سياسات منح الحوافز في مكافئة الموظفين وتشجيعهم على التقاعد مما دفع بالكثير من الكفاءات إلى التقاعد؟، هل هي سياسات الاقصاء والابعاد للكفاءات التربوية وتهجيرها؟، هل هي السياسات التي في الاختيار والتعيين وتوزيع المكافئات في المناصب الادارية والقيادية التي اطاحت بالنظام التعليمي نتيجة ضعف الكفايات لدىها؟ ، هل هي عدم الاهتمام من جميع المعنيين بسياسات التعليم و وبهذه الاختبارات من الساسة والتربويين ، والمعلمين والكودار التعليمية والادارية والطلبة وأولياء الأمور؟، هل هو سبب غياب نظم المتابعة والمساءلة والمحاسبةعلى جميع مستويات الدولة. نعم جميع هذه الأسباب من سياسات وإجراءات ومعنيين لهم دورا اساسيا في هذا التراجع.
فعلى الرغم من ما نشرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD ) التي تنظم هذه الدراسة التقيمية كل ثلاث سنوات في موضوعات القراءة والرياضيات والعلوم ودون تركيز كبير على محتوى المنهج بل على المعرفة والمهارات الأساسية التي يحتاجها البالغون في حياتهم، والتركيز على استيعابهم للمفاهيم وقدرتهم على العمل في أي مجال تحت مختلف الظروف بهدف قياس مدى نجاح الطلاب الذين بلغ سنهم 15 سنة والذين هم على وشك استكمال تعليمهم الإلزامي والاستعداد لمواجهة تحديات مجتمعاتهم اليومية على ان هناك تراجعا وضعفا عاما ومتزايدا في أداء معظم الدول المشاركة في هذه الاختبارات منذ الدراسة التقيمية الأولى عام 2000، وأن أقل من نصف الدول في المنظمة الاقتصادية (29) دولة من أصل (63 )دولة كان اتجاهها ايجابيا بشكل عام في المواضيع الثلاث منذ عام 2012- 2022 ، وأن (6) دول فقط من المنظمة الاقتصادية حققت نجاحا ملموسا في موضوعين فقط من اصل (3) موضوعات، ونظرا لمشاركة (81) دولة في هذه الدورة فقد كان التقرير حصادا للدورات السابقة ، وقد شارك الأردن منذ الدورة 2006 في هذا الاختبار ، وجاءت المشاركة بعينة من الطلبة ممثلة لمجتمع الدراسة البالغ ( 142.601)طالبا وطالبة من ( 1158) مدرسة ممن تشمل طلبة اعمارهم (15) سنة وكانت العينة المشاركة ( 7799) طالبا وطالبة ولأول مرة تشارك الأردن في هذه الدورة الكترونيا
وبنظرة سريعة على النتائج التي حققتها الأردن في اخر دورة 2022 نجد أن نتائج مشاركة الأردن في اختبار Pisa 2022 لا يتوافق مع توجهات رؤية التحديث وينذر بالخطر ويطلب مراجعة جذرية في عناصار المنظومة التعليمية كافة، وأن مستوى الأداء في الأداء في الرياضيات بلغ(361) والمستوى الدولي (472) وبتراجع ( 111)عن المستوى الدولي، وفي موضوع القرائية بلغ (342) مقارنة بالمستوى الدولي (476) اي بتراجع (134) نقطة ، وفي العلوم بلغ(375 ) مقارنة بالمستوى الدولي البالغ ( 485) أي بتراجع ( 110) نقطة عن المستوى الدولي ممايعني التراجع في جميع المشاركات عن المستوى الدولي على الرغم من تقدمنا في عام 2007 وكان ترتيبنا الأول عربيا في موضوع العلوم على (13) دولة عربية مشاركة وكان معدل الأداء فيه أعلى من المتوسط الدولي ب ( 16) نقطة وترتيبنا دوليا (21) من أصل (50) دولة مشاركة، وفي الرياضيات حققنا ( 427) أقل من المتوسط الدولي البالغ (451) اي بتراجع (24) نقطة لكن ليس بهذه الحدية من التراجع الذي حصل في عام 2022 في هذا العام وبلغ (111 ) نقطة على الرغم من الفارق بين درجات االمتوسط الدولي بين( 2007و2022) وفي عدد الدول المشاركة ، ثم برز تحسنا طفيا في عام 2018،ثم تراجعنا بشكل حاد بعد ذلك حتى اصبحنا في الترتيب الخامس (5) عربيا من (5) دول مشاركة ، ونظر لعدم توفر بيانات للمقارنة في موضوعات القرائية والعلوم للسنوات الماضية ، واختلاف اداة القياس التي كانت تتعلق بالحجم سابقا، وأيضا لأن الأردن لأول مرة يشارك في هذا الاختبار الكترونيا ، ونتيجة توصية لجنة الاختبار لم تنشر المنظمة اية مقارنات بين نتائج مشاركة الاردن في هذا الاختبار في موضوعات القرائية وفي العلوم واقتصر التقرير عن نشر المقارنة في موضوع الرياضيات واقتصرت على اخر مشاركتين في هذه الاختبار.
وبالرغم ما اعلنته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD ) عن تراجع أداء الدول بشكل عام إلا أن ذلك لا يبرر التراجع الكبير في أداء الأردن ليكون من بين أخر (5) دول يتراجع مستوى الأداء في الرياضيات فيها بمعدل اكثر من (30) نقطة ومن اخر (7) دول مشاركة من أصل (81) دولة في هذه الدورة وبعدد(38.5) نقطة عن اخر دوره في عام 2018 وهي دول ( البانيا،ايسلندا،الأردن،هولندا،النرويج،سلوفاكيا،سلوفينيا) ، ولا يبر الانخفاض في اداء الطلبة المميزين في الرياضيات في الأردن بمعدل (50 ) نقطة، وانخفض معدل أكثر من (3) طلاب من كل (4) طلاب شاركوا وكان مستوى أداؤهم أقل من المستوى الثاني من المهارات ، بينما الطلبة ذوي الأداء المنخفض بقي منخفضا ودون المستوى الأول من اتقان المهارات ولا اعتقد ان التحول الإلكتروني لأول مرة في هذا الاختبار هو السبب وقد يكون لزيادة اعداد الطلبة في فئة المشاركين في الاختبار من عامن 2015 – 2022حيث كان نسبة الزيادة في عددالطلبة (%10) نتيجة الرسوب او الاعادة او زيادة ادماج الطلبة المهجرين لهذ الفئة، وقد بلغ الانخفاض في دول المنظمة(25) بمعدل (10) نقاط، وفي (25) دول اقتصادية ذات اقتصاد جيدمن غير دول المنظمة وعددها (30) دولة انخفض معدل الأداء بمعدل (20) نقطة ، كما لا يبر الفجوة في الأداء في بين الطلبة والطالبات في الأردن في الموضوعات الثلاث حيث كنت نتيجة الطالبات في موضوعات الرياضيات والقرائية والعلوم وبالترتيب( 386 ،364، 390) في حيت كانت نتائج الطلاب الذكور وحسب ترتيب الموضوعات (353، 318،358) حيث تسجل الفجوة لصاح الطالبات على الرغم من التراجع في أداء الرياضيات بينهما وب(43) نقطة ، وايضا بمقدار درجتين للطلبة النازحين مع التقارب بينهما ولايوجد في فروق بين اداء الطلبة النازحين عموما والطلبة المواطنين في (9) دول مما يعني انها يقدم لهم نفس التعليم ، كما لا يبرر التراجع بالاداء منذ عام 2012-2022 بمعدل (18.6) نقطة في العشر سنوات الاخيرة ، وفي التراجع والتغير في الأداء بين ( 2018-2022) وبمعدل ( 38.5)) نقطة . ولا ايضا بتنقاض اجابات (8%) منالطلبة على اسئلة قياس الشعور بالاتنماء او أسئلة قياس مستوى الصعوبة للأسئلة الرياضايات.
و فيما يتعلق بالتباين في الأداء على المستوى الوطني او المحلي مستوى الاقليم او مديريات التعليم فلا يوجد فروقات لأن الأداء منخفض من جميع المشاركين الطلبة المتميزين والطلبة ذوي التحصيل المتدني ومن الجنسين بين ( 357- 365)على المستوى الوطني وبمعدل (361) وترتيب الأردن (66) من بين (81) دولة وكانت الاردن من بين الأدول الأكثر انخفاضا بمعدل (38.5) نقطة ،وكان معدل الأردن في القرائية بين (337-347 ) اي بمعدل ( 342)، وترتيب اللادرن من بين الدول من (68-76) وكان المستوى بين (337-347 ) وفي العلوم ايضا من اقل الدول، كما ولا يوجد اية فروقات في أداء الطلبة بين طلبة المدارس نفسها حيث كان الاداء اقل بنسبةكبير من المستوى الدول لمنظمة (OECD)والبالغ ( 32%) ، وأيضا اقل بين طلبة المدارس الاخرى في اختبار الرياضيات والذي يبلغ على مستوى الدولي(68% ) وعلى العموم لا يوجد تغير في الاداء ، حيث هناك انخفاض في أداء الطلبة والطالبات في (14) دولة ومنها الأردن.على الرغم من توفوق الطالبات على الطلاب في الأردن منذ العام 2012.
وخلاصة الأمر أن الأردن قد قد انخفض الجهد لديه في هذه الدورة بمقدار (5) على ميزان بذل الجهد (EFFORT thermometer ) كما أن متوسط المشاركة عبر السنوات العشر (2018-2022) كان (18.6) نقطة عن المتوسط الدولي ، وبلغ المتوسط بين عام (2018-2022) (38.5) في اداء الرياضيات في الدورات السابقة، كما أن التغير في أداء الطلبة المتميزين في المستوى( 6،5) بلغ ( 0.6)، وانخفض معداء ادائهم بين 2018-2022 بنسبة (90%)،والتغير في أداء الطلبة منخفضي التحصيل بلغ( 14.3) عن المستوى الثاني أي بنسبة (10% ) اي انخفض بهذا المعدل عن هذه المستويات أما الفجوة في الأداء بين اداء الطلبة المتميزن والطلبة ذوي الأداء المنخفض فهي قليلة ومستمرة عبر السنوات العشر وفي تصاعد مما ينذر بالخطر ، ولذا لا بد من الوقوف عن مفاصل العملية التعليمة في الأردن ، واجراء الدراسات التشخيصية الدقيقة والمتخصصة من أصحاب الرؤية الاستشرافية الخبرة والكفاية، لإعادة النظر في السياسات التربوية التي أوصلتنا إلى تذيل النتائج الدولية في مؤشرات جودة التعليم.، واعادة النظر في البرامج والمشاريع في الخطة الاستراتيجية لانقاذ ما يمكن انقاذه من هذا الوضع ، وخلق البيئة المناسبة التي تمكن كل العاملين من تحقيق أداء تربوي منتج وفعال، وعليهم وضع الخطط الكفيلة بتطوير كل مفاصل العمل التعليمية، وأيضا العمل مع المؤسسات المعنية كالمركز الوطني للمناهج لتحليل جوانب الخلل في أداء الطلبة في هذه المواد وغيرها وإعادة النظرفي خطط تطوير لمحتوى المناهج والكتب المدرسية ، وايضا العمل مع المؤسسات المعنية بتدريب المعلمين من الجامعات ومؤسسة الملكة رانيا لتدريب المعلمين ، وكذلك العمل مع المؤسسات التعليمية والخاصة والمجتمعية للمشاركة في وضع الخطط وتحمل مسؤوليات ناهيل عن تفعيل أدوار القائمين على العملية التعليمية الفنية ، واسس اختيارهم وتعيينهم فلا يعقل تعيين اداريين في مواقع ادارية متقدمة لم يدخلوا الغرف الصفية ليشرفوا على الجوانب التعليمية ، كما يجب على القائكمين على ىالإدارة التعليمية بذل المزيد من الجهود لمتابعة الميدان التربوي وتفععيل دور كوادره ، ووضع الخطط المستقبلية بعد اعادة دراسة جدوى المشاركات المستقبلية رغم اهمية المشاركة واثرها على تطوير النظام التعليم لكن دون التحضير والاستعداد ودون تحديد الادوار والمسؤوليات وأدوات المساءلة للمعنيينعليهم التفكير بذلك ، كما عليهم الاستماع للراي الأخر الذي يصب بمصلحة العملية التعليمية والنظام التعليمي للأردن في ظل ما تصبو اليه الرؤية الاقتصادية وخطط الوزارة الاستراتيجية في ظل التطورات التكنلوجية والتربوية المتقدمة.كما علىيهم الاستفادة من ملخصات السياسات وما تقدمه التقارير الوطنية من توصيات واجراءات والتي يعدها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ووضخ الخطط الكفيلة بتنفيذها كما عليهم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والتي حققت مراكز متقدمة وتحليل نتائجها والاتستفادة من هذه النتائج بعد تحليل مؤشراتنا في هذه الدراسة والتي تنذر بالخطروعلينا الامتثال لاجراءات الدول المتقدمة في هذا الاختبار فلايقل يعقل ان اكثر من 80% من طلبة لا يفخمون ةما يرقأون في هذه المرحلة العمرية من الزمن.
لا يوجد أدني شك من أن جميع محاولات الاصلاح التي تمت قد حافظت في الماضي القريب على ادامة النظام التعليمي وخاصة في معدلات الالتحاق بالتعليم الاساسي والتكافوء بين الجنسين وغيرها إلا أنه من المهم التركيز على كفاءة النظام الداخلي وتحسين عملياته ومعالجة جوانب الضعف الفني والإداري في النظام وزيادة دافعية لدى بعض المعلمين والطلبة ، والبعد عن التجاذبات البتي اوصلت النظام التعليمي لهذا الحال من ضعف في كفاءته الداخلية والخارجية للنظام وهذا ما اكده انخفاض ترتيب الأردن في مؤشر المعرفة العالمي ، وما اشار اليه تشخيص اللجنة في ضعف القدرة المؤسسية ، و ارتفاع التسرب وانخفاض معدل الالتحاق في المراحل كافة خاصة المرحلة الثانوية والجامعية ، وضعف التعليم والتدريب المهني والتقني، وضف برامج إعداد المعلمين ، وعدم مناسبة الاستراتيجيات والأساليب التدريسية ، وضعف المخرجات ولمؤاءمة مع سوق العمل ،وانخفاض معدل المساهمة في الناتج المحلي الاجمال ناهيك عن ضعف نظام الحكومة لعملية النظام بفعل التجاوزات والممارسات التي كانت تتم نتيجة عوامل داخلية من الوزارة نفسها اوعوامل خارجية بسبب مراكز النفوذ والمتنفعين مما اثقل كا هل النظام التعليمي بالكثير من المشكلات والتحديات التي تحتاج الى اعادة الحياة لهذا النظام .